تخطى إلى المحتوى

كيف تكون عدواً لنفسك دون أن تعلم!

يُعادي الإنسان ذاته حين يختار بوعي أو بلا وعي أن لا يرتقي ويتطور، وهل يختار الإنسان بوعي أن لا يتطور؟

نعم، والإجابة لدى صاحبها وهو يعلمها حق العلم والوضوح، يختار المرء الانكماش والتوقف عن التمدد في الوعي لرغبته اللاواعية بالاحتفاظ بمكتسبات الزيف فيه، قد يكون على سبيل المثال ذا منصب ووجاهة، وهو مستمتع بالأمر والنِعم والعيش كملك ولو كان في منظومته المصغرة، بيت، مؤسسة، شركة، أو حتى رئيس قسم، إنه يجد فيها ما لا يجده في أي دور، التمسّك بالأدوار هي أفضل لعبة للإيجو، لأن الدور له سطوة وقوة تجعله يولّد الأسباب التي تبقيه وتعيّشه باستمرار وقد يعيش بها للأبد، دور المدير مثلا قد يعتاش بها بأنه صاحب كلمة ورأي سديد فيظل متمسكاً بهذا الدور لأنه مستمتع بما يتلقاه من الآخرين من الثناء والتقدير المزيف، وقِس عليها أب ظالم يُجبر أولاده على سلوكيات يرضاها المجتمع ليرضى والنتيجة يتركه أولاده في أول فرصة تأتيهم، دور الزوجة المسكينة التي تعمل فقط لأجل أولادها وتُهمل نفسها وذاتها وسلامها الداخلي لتثبت أنها أم مثالية أمام نفسها والمجتمع، قد تتحمل أي إهانة من زوجها فقط للحفاظ على دور الأم التي ضحت بحياتها لأجل أولادها، وتظل متمسكة بصورتها المستقبلية وهي تحكي لهم عن تضحياتها وتشعر من خلالها بالفخر تغذية للزيف داخلها.

بالتأكيد سبق أن مررت بالكثيرين ممن يفتخرون بالمعاناة، ويرون أنهم الصابرون وما باليد حيلة وإنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب، هم يتغذون على هكذا فخر بجذب انتباهك لهم، بالتصفيق لهم، ولربما الحزن على بؤس الحياة التي يعيشونها.

هل تتألم للفقراء والمُعدمين؟

للمرضى والمجروحين؟ للمخذولين؟ لديك خلل إذا، الوعي الأسمى يكون بالمحبة والرحمة والاحتواء، وقد نكتفي على الأقل بالتجاوز معهم وإدراك أن من حقهم عيش الحياة والشعور والوعي الذي يريدون دون استنزافنا، هل يستدين الناس منك؟ هل يتصلون بك ويشتكون؟ هل تستمع لهم باهتمام؟ قف مع نفسك واسأل لِمَ منحتهم ذلك؟ ماذا يوجد في داخلك من نسخة بائسة متفقة معهم وتشعر أنها تحاكيهم وتفهمهم، قد يبرر عقلك أن هذا من الخُلق أو الدين أو الأدب أو صلة الرحم أو أيًا يكن، في الوعي نحن نعّمر أنفسنا والآخرين، الدمار ليس وعي، السماح لأي مشتت خارجي أن يتناغم مع أي بذرة شعور مخفي داخلنا غير مسموح، لديك بذور شعورية منخفضة؟ حررها حين تكتشفها بدل سماحك للآخرين بتغذيتها، هذه أرضك فازرع بها ما شئت، (نستثني من ذلك من كانت رسالته الروحية في حل مشاكل الآخرين وخلافه، لكن فضلاً تأكد هنا من نقطتين: الأولى حدد رسالتك وجمهورك بدقة، والثانية أن لا تتفاعل مع مشاعرهم بل تراها بوعي سماح وغفران).

الإيجو دائماً يبرر نفسه بما تقتنع به أنت

بالعودة إلى الأدوار، قد يُحب الإيجو أن يظهر بمظهر الواعي، وهذا دور خطر، لأنه يبرر نفسه بما تقتنع أنت به، مساعدة الآخرين ونصحهم ليتجاوزوا ما مروا به، فقط لأنك تعرف ذلك ليس خيارا صحيحا دائما، لذا نهتم جدا هنا في المنصة بالتدفقات الروحية وأن يكون كل شخص فيها يقدم عمل هو من رسالته وليست مجرد هواية أو تجربة مر بها، وأنت كذلك، كونك مررت بتجارب سفر كثيرة هذا لا يعني أنك مرشد سياحي! كونك قرأت كتبا كثيرة في الفلسفة لا يعني ذاك أن تغالط وتبحث عن المنطق في كل جواب، وجّه انتباهك لطريقك ومارس رسالتك ودع الآخرين يمارسون رسائلهم أو لا يمارسونها هذا خيارهم، وخيارك أيضًا أن لا تتعامل إلا مع من يمارس رسالته وليس الدخيل على منهج أو مجال أيًا يكن.

قد يختار الإنسان أن لا يرتقي أكثر في الوعي، لأنه لا يريد أن يغفر مثلا، أو لا يريد خسارة مكتسبات، أو لا يرى الابتعاد عن جمهور، أو يهرب من علوم عالية، يبقى خياره، وخيارك أنت معنا أن ننتهج الطريق الأيسر والواعي.

نمتنّ لمشاركتنا رأيك..إلغاء الرد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

19 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
uuooy_44
3 سنوات

شكرا لينا مقال عميق ورائع ويحرر نسخ الزيف ..

.
3 سنوات

عُلم❤️

مرام الشهري
3 سنوات

“مساعدة الآخرين ونُصحهم ليتجاوزوا ما مرّوا به فقط لأنك تعرف، ذلك ليس خيارًا صحيحًا دائمًا” 🌟🌟🤍
شكرًا لينا

افتخار الزبيدي
3 سنوات

شكراً لينا على كل هذا الوضوح وعمق المصداقية💕

norahsalemm
4 سنوات

شكرا لك لينا 💜

amjad.alosimi369
4 سنوات

شكراً لينا مقال ثري جدا ♥️

هنادي الشعيفاني
4 سنوات

التمسك بالادوار، تعني حياة مزيفة..شكرا لينا 🙏💜

Sofia
4 سنوات

قرأت هذا المقال من فترة وعدت لأكتب ردا الآن بأنني تغيرت ولاحظت تغير أصدقائي معي فمن كان يتصل بي ليشكو أو حين يراني يبدأ بالشكوى توقف الآن وبدأت أرى نسخة جديدة منهم
أيضا طريقة تعاملي مع أي موقف حزين للآخرين تغيرت …
شكرا لك أستاذة لينا

Omar
4 سنوات

❤️❤️❤️

هتان
4 سنوات

لامست المقالة أشياء لاحظتها فعلا. إضاءة تنويرية 🌹

ebtehal.saad
4 سنوات

كل براقراف لمس فيني شئ يا لينا ، الا واحد منهم صحاني اكثر وهو الي يقول ان الايقو ما راح يرفعك و لا راح يعطيك الي تبغاه.. زيف .. تذكرت كلامك لي في القراءة.. وش خذنا من هالزيف غير بعد الاحباب ! تصدقين كل مره استشعره وقت التحرير احسه في قلبي ! معقوله كان في اهم شاكرا للحب .. امتنان يالينا يا طهر الارض ونور من ربي 💕

نوف الشريف
4 سنوات

وان كان هذا الصديق حبيب وطيب وعيبه التشكي وقللت الاحتكاك فيه مره بالشهر .. هل ذلك يكفي ؟ يعني تأثيره علي مو مره ؟

امتنان وحب لك لينا🙏🏻💕💕

3nod.saif
4 سنوات

” هذه أرضك فازرع بها ما شئت ” عميقة جداً
شكراً معلمتي الروحية كل الحب لروحك الطاهرة 💚

هيفاء
4 سنوات

(التمسك بالأدوار هي أفضل لعبة للايجو )
عميقة ولكن يظهر الايجو ويقول هذه واجبات وليس دور
وشكرا لك لينا 💜

ضحى مسعود
4 سنوات

اذا عرفت اني متمسكة بنسخة و خايفه اترك المعاناة الي مسببتلي اياها شلون افك هاذا التمسك بانسيابيه ؟

Mimi Dreem
4 سنوات

شكرا المقال اكدلي معلومة ما كنت متأكدة منها السؤال كيف نتخلص من أي دور نمارسه بغير وعي منا لاني اعتقد أني اخترت المرض عشان اكون معذورة امام والدي وما أتحمل مسؤولية فشلي في فترة من فترات حياتي والحين وعيت على نفسي بس ماني عارفة أتخلص من هذا الدور مع انه لا والدي عذروني ولا جسدي المريض مساعدني اني انهض بحياتي مرة أخرى

عمار الهوساوي
4 سنوات

“هذه أرضك فازرع بها ما شئت”
مقال يوجهنا للداخل أكثر للاستعلام عن دوافع أدوارنا بوعي شكراً لينا 🌷

0 0 votes
معدّل التقييم
wpDiscuz

اكتشاف المزيد من منصة عصر السلام

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

×
Exit mobile version