تخطى إلى المحتوى

فيلم عن التعامل

توصياتنا السينمائية

مُحرّر: وصال بارودي - مُدير حوار: خديجة العنتر

تتنوّع طُرق ووسائل رفع الوعي، فمن تعلّم علوم الوعي بذاتها إلى مُجالسة الواعين ومُعلّمي الوعي إلى التفكّر فيما يحدث لنا وحولنا، وصولاً لمُشاركة من يمرّون بنفس التجارب في الأفكار والحلول كما نُقدّمه في حديث الاثنين. هذه الصفحة خصّصناها لتوصياتنا في الأفلام السينمائية والتُي تُحدث توسعاً في الوعي، نطرحها من وجهة نظرنا ونتشاركها معك مُرتبةً هنا، لمُشاركتنا المزيد من وجهات النظر والترشيحات تابعنا على الحساب المُخصّص له في تويتر.

COCO

وُلد بارنوم وصناعة الترفيه تجري في عروقه، رغم كونه شاب فقير يعمل مع والده الخياط، كان قادراً على إيجاد المتعة وصنع العروض من أبسط الأشياء حوله، علبة خشبية، منزل مهجور وثُريَّات وعود ثقاب، آلة قديمة وشمعة، أي شيء. تناديه رسالته ليحققها، فهو فعلاً لا يجد نفسه في الوظائف المملة، وفي نفس الوقت يُلح عليه شعوره القديم بأنه الصبي الفقير المُساء معاملته من قبل المجتمع، فيمضي في رحلته. ويجد الإلهام في أبسط الأشياء من حوله وأكثرها غرابة. لنجمع كل الأشخاص المنبوذين اجتماعياً بسبب شكلهم، كالطول أو الوزن أو اللون أو حتى الشعر الزائد في مكان واحد ونقدم للعالم عرضاً يحتفل بالإنسانية. عرضاً من الترفيه والمتعة واكتشاف الجمال في قلب كل واحد فيهم، هذه هي فكرته التي بدأ بها، وإن دفعته الظروف قليلاً لينفذها إلا أن الأفكار المبتكرة والمجنونة تجري في عروقه. لكن على الطريق، تنحرف سكته قليلاً حين يبدأ الإيجو بالإلحاح. حسناً وإن فعلت هذا وإن أصبحت غنياً الآن، إلا أن المجتمع لا يقبل الغرابة، ومجدداً ها هو الرفض القديم يظهر. فماذا فعل فيناس؟ وكيف تعامل مع شعوره هذا؟ وماهي المراحل التي مر بها؟ دروس من الفيلم عن الإيجو والتحرر والتعامل مع المشاعر، والكثير من القصص الإنسانية الملهمة والجميلة.

1.نشوء الإيجو:

يبدأ الشعور بالنقص من صدمة في الطفولة مهما كان سببها، كبيراً ام صغيراً، شيء مادي أو شيء معنوي، فكل طفل له تجربة مختلفة ويمر بظروفه الخاصة به، فمثلاً المغنية جيني في الفيلم كانت أسرتها تشعر بالعار لولادتها بينما بارنوم كان فقيراً يعامل معاملة أقل من المجتمع، ولكن مسار الإيجو واحد. ما الذي يحدث حينها؟ حين يتعرض الطفل للشعور المؤلم وبسبب الجهل بكيفية عيش المشاعر والسماح لها، وتقليد أنماط من حوله في التعامل مع المشاعر، عادة يختار الطفل ألا يشعر بالشعور المؤلم و"يجمده" ويجمد مشاعره تجاه هذا الموضوع وهنا تتشكل الصدمة أو العقدة أو الألم.

2. النتيجة:

إن عيش الشعور يعني السماح بتدفق الحياة بداخلك، وحين توقف عيش الشعور أنت لست فقط تضع ثقلاً إضافياً عليك، بل أيضاً تسد الطريق لاتصالك بحقيقتك. فحين تسمح بعيش المشاعر المنخفضة تسمح بعيش المشاعر المرتفعة أيضاً، تسمح بتدفق الحياة، وهذه هي الحالة الطبيعية. أما في الحالة الاصطناعية المصنوعة كما ذكرت في الأعلى، فالاتصال بالروح وتدفق الحياة متوقف، لكن الإنسان يحتاج لمصدر للطاقة ليتغذى منه، فبدلاً من الاتصال بحقيقته، يحاول أن يتغذى على طاقات الآخرين، مدحهم ثنائهم اعترافهم وتصفيقهم له. وبدلاً من أن يظهر تماماً كما هو، يحاول أن يظهر أكبر مما هو عليه، فيطارد الأهداف التي تتسم بالعظمة والإبهار فقط للعظمة والإبهار ليس لأنه يحبها حقاً، ولا يكتفي أبداً ولا يشعر بالرضا مهما حقق. وهذا ما حدث مع بارنوم وجيني.
فيلم يتحدث عن التعامل مع المشاعر والتحرر

3.الدوافع الحقيقية والدوافع المزيفة:

تأمل قصة بارنوم، في بداية مشروعه كان يبحث عن فكرة مبتكرة لتقديم رسالته في العروض الترفيهية، فجمع أشخاصاً من كل الأنواع على المسرح في احتفال جميل بالإنسانية. لقد أظهر مواهب هؤلاء الأشخاص، وقدم لهم الحب والدعم والشغف والثقة بأن يقدموا مواهبهم للعالم، وأصبح السيرك عائلتهم الآمنة التي تحتضنهم، كل هذا بدوافع حقيقية حين كانت رسالته الروحية في صنع الترفيه وأفكاره المبتكرة تحركه بكل سهولة ويسر. ولكن برنامج الإيجو الموجود في العقل لابد أن يظهر مالم يحرره، فحرفه قليلاً عن مساره، فبدأ يلاحق الشهرة والبحث عن الأفضل والأكبر والأشهر في العالم. في نفس الوقت كانت زوجته تشاريتي صوت الحقيقة بالنسبة له، وكانت تشير له للدوافع الحقيقية في كل موقف. فمثلاً حين قال لها: انظري عائلة فلان أتت للعرض، قالت له: "هل أنت سعيد؟" هو المهم حقاً.

4.من الدوافع المزيفة (التحدي والإثبات):

ومجموعة السيرك أيضاً انحرفت عن مسارها حين تغيرت النية من عملهم. في البداية كانوا سعداء بأن يظهروا ويقدموا مواهبهم للعالم، بعدها تحول شعورهم لنوع من التحدي أننا سنثبت أنفسنا للناس، وهذا أيضاً نابع من شعور النقص والصدمات الغير محررة، رُفِضت، إذا سأثبت أني أستحق. لماذا هذا السلوك مزيف؟ لأن نتيجته عادة مزيد من الانفصال عن الذات ومزيد من الإيجو وحتى الخارج لن يتجاوب معك باستجابة مريحة. في الفيلم، شعور التحدي عندهم خلق مقاومة لهم من قبل المجتمع، جعلت مجموعة من الناس تعترض عليهم، أدت في النهاية إلى شجارهم واحتراق السيرك. إذاً تفحص دوافعك، لا تجعل دافعك الإثبات للآخر بل افعل ما تحبه أنت.

5.الحل: التحرر

تقدم أغنية البداية إشارة قوية لمشكلة الإيجو والحل. "سيداتي سادتي هذه هي اللحظة التي كنتم تنتظرونها، كنتم تبحثون في الظلام يتصبب العرق منكم على الأرض، وهناك ألم مدفون في عظامكم ولا يمكنكم تجاهله، ‏يأخذ أنفاسكم يسرق عقلكم وكل شيء حقيقي يبقى وراءك. لا تقاوموا إنه قادم إليكم يجري نحوكم، هذه هي اللحظة الوحيدة لا تبالوا ما سيحدث لاحقاً، استسلموا لأنكم تحسون الشعور يستولي عليكم إنها كالنار إنها كالحرية إنها تتدفق بسرعة، إنه هنا أمامكم حيث يجب أن تكونوا." الألم هو الألم المخزون في داخلك، والحل استسلم وعش الشعور (حرره). بارنوم تحرر بالخسارة وبوجود أصدقاء وجهوه بشكل صحيح، حين خسر كل شيء استيقظ على ما هو مهم فعلاً وعلى غاياته الحقيقية. ليس عليك أن تنتظر الخسارة يمكنك أن تتحرر إرادياً باختيارك عيش الشعور وتفريغه حتى ينتهي.

6.المحبة والسعادة:

حين كتبت الصحافة عن بارنوم وجيني، قال لها أن هذا منسَّق وأنا لا أحبها، فأجابته: صحيح لا تحبها ولكن لا تحبني ولا تحب أي أحد أنت تحب نفسك وعروضك فقط. في النتيجة، وحين كان بارنوم منساقاً تماماً وراء الإيجو، لم يكن قادراً على التواصل المُحب اللطيف مع من حوله. سعى وراء المزيد والمزيد ولم ينتبه بأنه يتجاهل من حوله، هو فعلياً منفصل عنهم. ولذلك حين حرر هذا الزيف فأول قرار اتخذه أن يعود للتواصل المُحب ودعم مجموعة السيرك، وأيضاً التواجد مع أسرته وحضور عروض الباليه لابنته الصغيرة. المحبة والسعادة، ماذا يمكن أن تريد أكثر من ذلك؟

"يُمكنك أن تتعلّم من كُل شيء"

منصة عصر السلام
0 0 votes
معدّل التقييم

مقطوعة الأبعاد العُليا

×