تخطى إلى المحتوى

الفوائد المزيفة للمشاعر السلبية: لماذا نتمسك بها رغم معرفتنا لضررها 2/2

قلنا في المقال السابق أن سبب تمسكنا بأي شعور سلبي هو فقط لفائدة مزيفة نجنيها منه، فإذا تمكنت من معرفة السبب سيسهل عليك أن تقرر التخلي عنه ببساطة، لأن فائدة أي شعور سلبي هي في الحقيقة مجرد زيف لا ينفعك كحقيقة.

تكملة الأسباب المحتملة:

6-من أنا بدون هذا الشعور؟
تمر السنوات بالنسبة لكثير من الناس وهو يحافظ على نفس الشعور/السلوك السلبي لدرجة أنه يتماهى معه بالكامل، فيصعب عليه تخيل نفسه بدون ذلك الشعور.
فبالنسبة له “أنا الغاضب” أو “أنا الحزين” أو أنا المظلوم”…. ويعتبرها حقيقية بشكل مطلق، فيخاف من فقدان ذاته أو هويته التي حافظ عليها طويلا إن هو تحرر من الشعور الملازم له طوال هذا الوقت.

إذا كنت كذلك يمكنك ببساطة أن تتخيل كيف ستكون بدون هذه الصفة أو الشعور المزمن، إذا استطعت أن تتخيل هويتك الجديدة بدون هذا الشعور وتستشعرها يعني أنه بإمكانك التحرر منه! ذكّر نفسك أنك أنت شيء والمشاعر شيء مختلف.

من الهويات المزيفة الشائعة هوية الشخص المستمتع بالمعاناة، فالمعاناة والدراما بالنسبة له مصدر متعة، فتجده لا يستطيع العيش بدون مشاكل أو سلبيات، حتى إن حاولت حل مشاكله فهو آليا سيخلق مشاكل جديدة ليستمتع بدور الضحية.
تخيل معي شخص دائم الشكوى أنه غير محبوب وكل حديثه عن الناس التي خانته وأنه لا يوجد حب إلا وراءه مصلحة الخ… جرب إقناعه أن هناك 7مليارات بشر وأنه أكيد هناك ناس تحب وتقدّر، أو أخبره أن يتحرر من الشعور بالنبذ أو حتى أخبره أنك شخصيا تحبه. في الغالب سيبدأ في التشكيك في ذلك مباشرة وحتى إن صنع علاقات جديدة من مستوى أعلى سيبدأ في التشكيك في نواياهم وتخوينهم. يعني يقوم بـ “Self-Sabotage” أو ما يسمى بالتدمير الذاتي، لأنه في الحقيقة لا يبحث عن حل فعلا بل يريد فقط إثبات المعاناة وتعزيز الشعور بالمظلومية.

 
7-الحماية من مشاعر مؤلمة أكثر
قد يكون سبب تمسكك بشعور سلبي ما، هو أنه لو تخليت عنه ستشعر بشعور أسوأ.
إذا كنت تخاف من الحديث أمام الناس قد يكون السبب وراء الخوف هو شعورك بالعار. فتحافظ على الخوف حتى لا تشعر بالعار، أو تتمسك بالغضب على شخص ما حتى لا تشعر بالإهانة، فتحافظ على شعور سلبي حتى تغطي شعور أسوأ بالنسبة لك.
الحل السليم هنا هو التحرر من الشعور الأصلي. وقتها لن تحتاج شعورا يحميك من شعور آخر، وتكون مشاعرك صافية. فلو كنت خائفا من عدم تحقق شيء لأنك ستحزن مثلا، حرر الحزن ووقتها لا داعي للخوف، وتنحسم المسألة من جذرها. هل أدركت سهولة الحل واختصاره للكثير من اللف والدوران؟
 
8-القناعة العميقة أنه بالشعور السلبي وعدم الرضا ستغير واقعك
هذه القناعة عميقة جدا والقليل من ينتبه لها، لذلك تركتها في الأخير لأهميتها، يظن غالب البشر أنه إذا حدث شيء سلبي لهم أنهم سيحلون المشكلة عن طريق تخفيض مشاعرهم، تخيل شخصا يمر بمشكلة ما، فلنعتبر مثلا أنه أضاع جواز السفر وهو سيسافر الاسبوع القادم، فيبدأ يشتكي ويكثر من التفكير وندب سوء حظه ويخاف من السيناريوهات المتوقعة وربما يصيبه الأرق … لماذا؟ لأنه تبرمج على أن تكون مشاعره ردة فعل للخارج، لو تخبره أنه على الأقل يمكنه أن يرفع مشاعره إلى الهدوء والتقبل وأنه لا حاجة للغضب والتوتر، ممكن أنه يضحك عليك أو يعتبرك بارد مشاعريا ولا تعيش الواقع، يظن أنه لو تقبل شعوريا ما حدث عندها لن يجد الحل! وأن الحل لن يظهر إلا بردة فعل سلبية، مع أنه في الحقيقة قابلية إيجاد الحل ترتفع كلما كنت في حالة هدوء أكثر.

سبب هذه البرمجة هو الإعتقاد أنه كلما عانيت أكثر كلما انتبهت لك الحياة!​

مثل الطفل الصغير الذي يظل يبكي إلى أن يتوفر له الشيء الذي يريده.
في رأيك هل العالم حقا يعمل بهذه الطريقة وأنه لازم”تتعذب” حتى تجد حل أو تصل لما تريد؟ وإذا رفعت مشاعرك ولم تغضب أو تخاف الخ… فإن هذا يعني كأنك تعطي الواقع الموافقة كي يظل كما هو؟
الحل ببساطة يكمن في تغيير الشعور الدافع حتى وإن قمنا بنفس السلوك الخارجي، كما وضحنا ذلك في الجزء الأول من المقال. يمكننا البحث عن حل من دافع مزيف ومنخفض، مثلما يمكننا أيضا البحث عن حل من منطلق مشاعر عالية، وشتان بين الخيارين.
هذه بعض الأسباب المنتشرة التي تجعلك تتمسك بالمشاعر السلبية رغم معرفتك أنها غير حقيقية ومعرفتك مدى ضررها عليك، إن لم ينطبق عليك أي من الأسباب،شرحت في برنامج عودة إلى الذات في طريقة الاختيار كيف تعرف سبب اختيارك لأي شعور و تكتشف بنفسك لماذا مازلت تحافظ عليه حتى تحرره .

نمتنّ لمشاركتنا رأيك..

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

22 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
فاطمه 💗
فاطمه 💗
2 سنوات

ممتنه يونس استخرجت الفوائد من المشاعر اللي مو راضيه تتحرر😅💕

𝔼𝔹𝕋𝕀𝕊𝔸𝕄 ★
𝔼𝔹𝕋𝕀𝕊𝔸𝕄 ★
3 سنوات

⭐️⭐️⭐️⭐️⭐️ شكرًا لك و شكرًا للمنصة على ما تقدموه .. كثير المس الحب و التقدير لارواحنا و لرحلتنا بهالمكان شكرًا 🙏🏻💗✨

ahdshs
ahdshs
3 سنوات

جداً افادني

nabaahussain.1997
nabaahussain.1997
3 سنوات

شكرا جميل جدا

Mariam
Mariam
4 سنوات

المقال جمييل جداً وسلل وسهل شكراً لك ♥️♥️.

Fatimah
Fatimah
4 سنوات

كيف أسمح لهذي المشاعر بالرحيل ؟

Slooom014
Slooom014
4 سنوات

❤️❤️❤️❤️
وش رايك احط قلب مكسور واسوي اني حزين 💔
😂😂😂😂😂
والله شكرا من القلب

noorah-m.a
noorah-m.a
4 سنوات

شكراً لكل شي كتبته، مقالاتك ماشالله مميزة لانه لمست بوضوح وشعرت بالتجربة الي مريت فيها الين ماطلعت هالmasterpieces

ممتنة لك💐
ولا يوقف 😁

ضيف
ضيف
4 سنوات

ممتنه لهذا المقال الرائع

H
H
4 سنوات

شكرا عالكلام الجميل والعميق والرائع…

Manal
Manal
4 سنوات

مقاله ملهمه وثرية جدا ،، امتنان لعطاءكم 🙏🏼💚

FARAH
FARAH
4 سنوات

كلام عميق وجميل جداً .. ممتنة جداً لـ روحك .♥️

عبدالله الشاجري
عبدالله الشاجري
4 سنوات

هذا المقال بجزئيه منهج كامل لتحرير المشاعر السلبية لمن أراد حقاً التغيير، امتنان عظيم صديقنا المدون 💜🙏🏼

0 0 votes
معدّل التقييم

مقطوعة الأبعاد العُليا

×