تخطى إلى المحتوى

ما معنى التحرر؟ وكيف أتحرر من المشاعر السلبية.

 

التحرر من أي شعور منخفض هو ببساطة أن يفقد الشعور تأثيره عليك بحيث يصبح مثله مثل أي شعور آخر ولا يفرق معك تواجده من عدمه. حدد الشعور الذي تريد التحرر منه، ثم توقف على الحكم عليه أنه شعور سلبي أو مؤذي أو مخيف الخ … واسمح لنفسك أن تعيشه بالكامل إلى أن ينتهي. هذه هي الفكرة الرئيسية للتحرر، يمكنك أخذ جلسة مريحة في مكان مريح دون مقاطعات، استرخ وتنفس بعمق ثم استشعر الشعور الذي تريد التحرر منه. هذا هو التحرر باختصار، وإليك بعض النقاط المهمة التي ستساعدك في أن تعيه بشكل أعمق:

1- كل شعور “سلبي” هو مجرد طاقة مخزنة فيك من تجارب وذكريات سابقة، هي تريد أن تعبر عن نفسها وأن تسمح لها بالخروج كي تغادرك ولكنك في كل مرة تقاومها ولا تريد عيشها أو تحكم عليها أنها “سلبية” وهي في الحقيقة مجرد طاقة ’Just Energy‘ فكلما قاومت الشعور كلما زادت شدته كي يجذب انتباهك أكثر وتفرغه، فقط اسمح لنفسك بعيشه بالكامل.

2- لابد من الشجاعة، إذا كنت خائفا من مشاعرك ولا تستطيع مواجهة ما في نفسك فستظل دائما تهرب من مشاعرك وصعب جدا أن تستطيع التحرر منها. لماذا تخاف من مواجهة أن لديك مشاعر سلبية في داخلك؟ ماذا سيحدث إن شعرت بمشاعرك بالكامل كما هي؟ إنكار المشاعر أو الهروب منها لن يأتيك بفائدة، إما أن تتشجع وتواجهها أو تضل في دائرة المقاومة.
 
3- كل شعور سينتهي إن أنت استشعرته بالكامل، قد يبدو لك كأنك إن استشعرت حزنك مثلا وفتحت له الباب فلن يوجد نهاية لهذا الشعور، كأنه سيبقى معك للأبد، لكن هذا غير حقيقي، كل شعور “سلبي” سينتهي إن أنت استشعرته بالكامل.
 
4- أنت لست مشاعرك، توقف عن التعريف بنفسك على أنك أنت = مشاعرك، لاحظ أن مشاعرك دائمة التغير، ربما في الماضي كنت غاضب والآن لا، أو غدا ستحزن وبعد غد تفرح. أنت لست المشاعر فالمشاعر شيء عابر، حين تدرك أنك المراقب للمشاعر وأنت الذي بيده أن يختار المشاعر التي يريدها سيسهل عليك التحرر من المشاعر المنخفضة لأنك وضعت مسافة بينك و بينها، لم تعد ترى نفسك على أنك هي.
 
5- اجعل التحرر من أجل التحرر لا من أجل إنهاء الشعور والقضاء عليه، كأنه عدو لك أو كأنك تعتبره شيء شرير، غايتك هي أن تسمح للشعور أن يعبر عن نفسه إلى أن ينتهي وليس أن تتحرر من أجل التخلص من الشعور، لأن الرغبة في التخلص تعتبر نوعا من المقاومة للشعور، وكما تعلم فالشعور الذي تقاومه سيزيد أكثر.
 
6- في الحقيقة الحدث أو الشخص أو العالم لا يستطيع إشعارك بشيء، بل المشاعر فيك أنت وليست في الخارج، لاحظ مشكلتك الحالية كيف تؤثر على الأشخاص الآخرين بطريقة مختلفة. قد تسبب لك غضب ولكن شخص آخر يمر بنفس المشكلة قد يشعر بالحزن مثلا أو بالخوف… كل شخص يتصرف حسب مشاعره والتراكمات المخزنة فيه من الماضي وتجاربه السابقة فلو كان داخلك نظيفا وخاليا من التراكمات فلن يستطيع أي شخص أن يهزك أو يحطم ثقتك بنفسك أو يجرحك بكلمة ما أو يخيفك، تحمل مسؤولية مشاعرك لأنها من اختيارك.
 
7- كل المشاعر التي تحت 200 على سلم هاوكنز هي وهمية وغير حقيقية مهما بدت لك كذلك. مشاعر العار، الذنب، الحزن، الخوف، الحاجة، الغضب، التكبر، كلها وهمية وغير حقيقية لأنها مجرد شيء مخزن فيك وليست موجودة الآن كحقيقة، لو أزلت منك ذاكرتك الآن هل مازلت تشعر بهذا الشعور؟ أكيد لا، كل المشاعر “السلبية” هي إما من الماضي الذي مازلت متمسك به أو من المستقبل الذي أنت قلق منه، شخص أهانك قبل ساعة من الآن هل هذا الشعور موجود هنا والآن بشكل حقيقي أم هو من الماضي؟ أنت تخاف من مرض خبيث أو من ضياع المال أو من عدم الزواج أو غيرها من الاشياء المستقبلية والتي هي غير موجودة الآن معك فهل هذه المشاعر حقيقية أم وهمية؟

لكن عليك أن تنتبه لخطأين يقع فيهما كثير من الذين يرغبون في تطوير ذواتهم عندما يقال لهم أن المشاعر السلبية هي مجرد وهم:

الفئة الاولى يصيبها الغضب، ولسان حالهم يقول “كيف تقول عن مشاعري وهمية وأنا فعلا أشعر بالحزن أو بالغضب أو بالخوف الخ…. وأنا فعلا أعيش هذا الشيء؟! أنا لا أريد أن أنكر مشاعري وأعيش في عالم وردي خيالي” انتبه هذا ليس القصد من قولي أن المشاعر السلبية وهمية، هي حقيقية لكن بالنسبة لك فقط، لأنك متمسك بها واخترت أنك تصدقها، مثل من يرى العالم من خلال نظارات سوداء فيعتقد أن العالم هو بالفعل أسود، لكن على مستوى الحقيقة في الوجود هي شيء وهمي وليس حقيقي والدليل أنها غير موجودة الآن، المشاعر المنخفضة توجد فقط في الزمن. إذا كنت متشكك، فلا تصدقني، بل لا بد أن تختبر هذه الحقيقة بنفسك! راقب شعورا سلبيا يؤرقك دائما وابحث له عن دليل أو مبرر الآن دون الرجوع للزمن سواءا في الماضي أو المستقبل.

الفئة الثانية هي التي تتخذ مقولة أن المشاعر السلبية هي مجرد وهم، فيتخذها الشخص كفرصة للهروب من الشعور بها، ثم مع الوقت يراكمها وتنفجر ويندم على أنه صدق في يوم ما أنها وهمية، وهذا ليس القصد أيضا من قولي أنها وهمية، فلا يعني ذلك أن ننكرها ونتجاهلها، إذا كنت تحمل معك شعورا ما عليك أن تراقبه وتحرره وسيختفي وتستكشف بنفسك أنه وهم وليس لأنني أخبرتك بذلك، يعني بالمختصر سيظل أي شعور سلبي بالنسبة لك حقيقة ما لم تراقبه وتكتشف أنه مجرد وهم.

8- إذا أجبرت نفسك على التحرر من المشاعر فغالبا لن تستفيد شيئا، ابدأ أولا وحرر مقاومتك للتحرر والكسل والرغبة في تأجيل الأمر والرغبة في بقاء الوضع الحالي…. ثم عندما تنتهي المقاومة ارجع للتحرر من الشعور وأنت مرتاح ومنسجم وليس وأنت تشعر بالضغط أو أنه واجب عليك.

9- قد تتحرر من الشعور وتفرح لكنك تفاجئ فيما بعد برجوعه فلا تيأس، السبب في هذا هو أن المشاعر تتشكل على شكل طبقات، أنت تتحرر من الشعور الخارجي فترتاح ثم بعدها تظهر لك الطبقات المخزنة التي تحتها، داوم على التحرر إلى أن تختفي كليا مع الوقت.

10- لا تخف من الجذب إن أنت استشعرت الشعور السلبي، إن استشعرت الشعور كي تحرره فلن تجذب مثيله من الأحداث، بل بالعكس الجذب السلبي يحدث بسبب مقاومتك له لأنه يبقي الشعور متواجدا في مجالك الطاقي، ولكن بالتحرر يختفي الشعور.

11- من أكبر المعيقات التي تعترض من يتحرر هو شعوره بالذنب واللوم بسبب اكتشافه، كم كان يظلم نفسه بتمسكه بالمشاعر السلبية، عادي، تحرر من اللوم وذكّر نفسك أنك تقوم بعمل بطولي بمواجهة مشاعرك الدفينة الشجاعة هي أن يتصالح الإنسان مع نفسه.

12- إذا كنت تشعر أن الشعور مبهم وغير واضح، استرخ قليلا ثم ابحث عن الشعور في جسدك، بمعنى عندما تشعر بهذا الشعور في أي منطقة من جسمك ستشعر بتأثير الشعور، قد يكون في شكل شد أو وخز أو حرارة أو برودة… ربما في المعدة أو في الرأس أو في الصدر… وعندما تحدد مكان الشعور جرب استشعر لونه ما هو؟ لا تحلل عقليا بل فقط راقب وستساعدك هذه الطريقة على التحرر بشكل سلس، يمكنك أيضا أن تحرر الشعور المبهم دون أن تسميه باسم معين بالضرورة، يكفي أن تشعر به كما هو دون تصنيفه في نوع معروف من المشاعر.

13- تقبل الأعراض الجسدية للتحرر، غالبا إن تحررت بعمق سيحدث شيء من الأشياء التالية : بكاء/ تثاؤب/عطاس/ بثور جلدية /ضحك شديد /رغبة مفاجئة في النوم /صداع /دخول للحمام بصفة متكررة /أرق وغيرها من الأعراض. عادي تقبلها واسمح لجسمك أن ينظف نفسه. ممكن تلاحظ أيضا اختفاء بعض الأمراض وكذلك تحسّن نوعية الشعر والبشرة…. ممكن أيضا أن تشعر بنشاط أكبر على المدى الطويل لأن كمية الطاقة التي كانت تضيع في مقاومتك للمشاعر أصبحت الآن تذهب لمكانها الصحيح لتشافي جسدك.

للمزيد عن التحرر و طرقه المختلفة يمكنك الإطلاع على برنامج : عودة إلى الذات 

 

اترك رداً على nadjtl71إلغاء الرد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

53 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
Ibtisam
Ibtisam
3 سنوات

طبيعي الشعور يبقى لأيام؟ وتظهر احداث تتغذى على هذا الشعور؟ , دائما اخاف من التحرر لهذا السبب ينقلب مزاجي 180 درجة وينعكس على احداث يومي هالشيء طبيعي ولا انا تطبيقي غلط ؟

عبدالله العامر
عبدالله العامر
3 سنوات

مقال متكامل شكرا يونس 🙏🏻❤️

Ebtsam
Ebtsam
3 سنوات

مقال جميل ومركز وشامل لجميع جوانب التحرر، ممتنه لوفرة الوعي والتنوير جزاكم الله خير 💚🙏🏻

moonahsk
moonahsk
3 سنوات

مقال رائع.. سلمت يداك وبورك فيك.

trackback
المرأة من الضعف إلى القوة - منصة عصر السلام
3 سنوات

[…] تقبّل رفضنا له أيضا. فتقبّل مشاعر الضعف يُسهّل عملية التحرّر […]

Ebtehal
Ebtehal
3 سنوات

هل الاكتئاب والحزن يعتبر من التنظيف والتحرر من المشاعر السلبيه

شوق
شوق
3 سنوات

اذا حسيت بمشاعر قوية وقدامي شخص اتحدث معه ، دايماً اتلعثم واتوتر ومرات لا استطيع التحدث ، كيف اقدر اتعامل مع الشعور بدون ما ارفضه او اقاومه وانا بالموقف

arwy5540
arwy5540
3 سنوات

انا سعيده جداً لأني قريت هالمقاله نوّرتني شكرا لكم🤍🤍🤍

عبدالله العامر
عبدالله العامر
3 سنوات

مقال عميق وجميل ومفصل شكرا لك يونس
وشكرا ل سميه اسلوب وطريقة القاء رائعه جدا

nadjtl71
nadjtl71
4 سنوات

يا لروعة هاذا المقال،شرح كافي ووافي لمعني التحرر ،شكرا يونس وجعلها الله لك في ميزان حسناتك ❤❤❤❤

bhjah_n
bhjah_n
4 سنوات

عظيم يا يونس 💜

r7aaal222
r7aaal222
4 سنوات

واااو ما هذه الروووعه
👌🏼مقال رااائع شافي ووافي

Sofi
Sofi
4 سنوات

بعد التحرر من المشاعر السلبية بدأت احس بفراغ وطاقتي في ارتفاع ولا اعرف ماذا افعل بها
اشعر ان علي ان افعل شيئا لا اعرف ما هو
احيانا احس برغبة في العودة للمشاعر المؤلمة لا ادري لماذا كأن اعيش جو الحزن والدراما والشعور بأني ضحية (اعرف انها تغذي فكرة لدي ) لكن كيف اتعامل معها

0 0 votes
معدّل التقييم

اكتشاف المزيد من منصة عصر السلام

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

×