تخطى إلى المحتوى

تشافي العلاقات 3: معيقات التسامح وكيف تتجاوزها

قلنا في المقال السابق أن غالب من لا يتسامحون هم فقط لا يريدون ذلك ويخيرون التمسك بمشاعرهم المنخفضة على أن يتسامحوا، و ذكرنا فوائد التسامح و كيفيته، واتفقنا على أن تنوي التسامح كخطوة أولى. إذا قررت أن تُسامح فغالبا ستعترضك بعض من هذه العوائق التي تشدك إلى الوراء:

الكرامة الحقيقية تظهر في تكريمك لنفسك

1)الشخص الآخر لا يستحق:

إذا كان هذا معيقا بالنسبة لك، تذكر أن التسامح لك قبل كل شيء، فغايتك ليست تكريم الشخص الآخر، أو إعطائه فرصة، بل الغاية الرئيسية هي أن تكون مشاعرك صافية. أنت الذي تستحق المشاعر الصافية سواء استحق الآخر تسامحك أم لا، كما أن التسامح ليس بالضرورة يعني أنك ستعانق الآخر أو تطلب منه الاعتذار أو ترجع معه عادي كأنه لم يكن شيء… إلخ من الصور الكلاسيكية للتسامح التي قد تكون صحيحة أحيانا، بل قد تكون إحدى صور التسامح المناسبة هي أن تنتهي علاقتك بهذا الشخص كما أوردنا في أمسية العلاقات، بما أنك لم تعد تهتم فيه بشكل سلبي بعد أن سامحته، السلوك المناسب يختلف حسب الظرف ودرجة القرابة وتقديرك للأنسب، لكن التسامح المقصود به هنا هو صفاء المشاعر.

2)التسامح يعني لن آخذ حقي:
لا يعني التسامح أن لا تأخذ حقك من الآخرين، أو أنك تسمح للجميع بالتعدي عليك وأنت فقط تبتسم، هذا يسمى ضعف وليس تسامح!
لا تربط كثيرا السلوك بالمشاعر كما قلت في النقطة السابقة، بمعنى من الممكن شخص يرفع قضية على شخص ظلمه، ومشاعره صافية، مثلما يمكن لشخص يمثّل التسامح ويسمح للآخرين بالاعتداء عليه، وقلبه ممتليء بالحقد والغضب، خذ السلوك المناسب في الخارج مع مراعاة صفاء الداخل، إذا كان هناك خطوة مناسبة متيسرة لك لأخذ حقك، فلا تتركها.

3)الغرور والكبر وصورتك أمام الناس:
وهذه فقط عليك تحريرها، يعني لا يعقل أن تحافظ على مشاعر مؤلمة فقط كي تراعي ظنون الآخرين ولا يقال عنك أنك ضعيف، نظرة الآخرين لن تفيدك شيئا حقيقيا، في الحقيقة الشخص القوي هو الذي يسامح ويتجاوز على أخطاء الآخرين، الضعيف يسقط على الآخرين أنهم سبب معاناته، ومن السهل عليه أن يتمسك بالكره والحقد ويشجع الآخرين على أن يفعلوا مثله.
بالإضافة إلى الصورة الوهمية أمام الناس، يوجد أيضا ما يسميه البعض بـ “الكرامة” وهي مجرد إيجو. فالتسامح لن ينقص من قيمتك الجوهرية بل بالعكس، الكرامة الحقيقية تظهر في تكريمك لنفسك بأن لا ترضى لها أن تتعذب بالمشاعر السلبية من أجل أشخاص آخرين آذوك أو اختلفوا معك.

4)الرغبة في التشفّي:
يمتنع الكثيرون عن التسامح لأنهم يتمنون الانتقام من الشخص الآخر أو أن يصيبه مرض خطير ما أو أي شيء سلبي، بغية أن يشعروا بالعدالة الإلهية حسب ظنهم! هذه النية السلبية في تمني الضرر للآخرين وحدها كفيلة بإصابتك بعدة مشاكل وأمراض مختلفة، إذ أن السوء الذي تتمناه لغيرك لن يفيدك بشيء حقيقي ولن يزيدك أي قيمة.
( سأفصّل في هذه النقطة في مقال آخر عند الحديث عن الإيجو)

5)التسامح المقنّع:
وهو التسامح الذي تكون غايته منخفضة، مثل التسامح بسبب أنك تشعر بالذنب أنك غير متسامح، أو أن تتسامح حتى تشعر أنك أفضل من الشخص الآخر وأنك عفوت عنه رغم أنه لا يستحق، الخ.
وأيضا يجب أن تنتبه للتسامح المشروط، كأن تسامح ثم تنتظر التقدير من الشخص الآخر أو أنه يتغير معك، أو تسامح ثم في أول موقف تندم على ذلك وتشعر أنك أخطأت أنك سامحته. لا تضع توقعات.

كل التسامح المذكور في المقال هو فقط بمعنى صفاء مشاعرك، ولا يعني بأي طريقة أنك تسمح للآخرين بإيذائك أو التنازل عن حقوقك وشُرح ذلك بالتفصيل في أمسية العلاقات. قد تكون هناك أسباب أخرى تمنعك من التسامح لم أذكرها في المقال مثل التمسك بهوية الضحية أو عدم تقبلك أنك تعرضت للظلم أو غيرها من الأسباب …. إذا لم تستطع التسامح يمكنك طرح سؤال “لماذا؟” ثم تستكشف الإجابة، وكن متأكدا أنه ليس هناك سبب حقيقي يجبرك على عدم التسامح، إلا إذا أنت اخترت تصديقه. إذا كنت لا تعرف كيف تحرر مشاعرك السلبية يمكنك الرجوع للمقالات السابقة.

نمتنّ لمشاركتنا رأيك..

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

4 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
nadjtl71
nadjtl71
3 سنوات

كل مقالاتك تلامس حقيقتنا

imane.ch1990
imane.ch1990
4 سنوات

احيانا اشعر اني سامحت و احيانا لا اريد أن أرى مثل ما كتبتم العدالة الالهية.

Shamma
Shamma
4 سنوات

أود حقا أن اسامح شخصاً ظلمني وسلب مني حقوقي ولا استطيع أن أرد حقي منه فكيف لي أن اسامحه ولازالت أحس بأنه ظلمني واشعر بالسوء اتجاهه.

0 0 votes
معدّل التقييم

مقطوعة الأبعاد العُليا

×