تخطى إلى المحتوى

The Little Prince​

فيلم يتحدث عن الاستيقاظ من وهم الحياة الروتينية

توصياتنا السينمائية

مُحرّر: وصال بارودي - مُدير حوار: خديجة العنتر

تتنوّع طُرق ووسائل رفع الوعي، فمن تعلّم علوم الوعي بذاتها إلى مُجالسة الواعين ومُعلّمي الوعي إلى التفكّر فيما يحدث لنا وحولنا، وصولاً لمُشاركة من يمرّون بنفس التجارب في الأفكار والحلول كما نُقدّمه في حديث الاثنين. هذه الصفحة خصّصناها لتوصياتنا في الأفلام السينمائية والتُي تُحدث توسعاً في الوعي، نطرحها من وجهة نظرنا ونتشاركها معك مُرتبةً هنا، لمُشاركتنا المزيد من وجهات النظر والترشيحات تابعنا على الحساب المُخصّص له في تويتر.

The Little Prince

“عندما يكون اللغز ساحقاً للغاية، لا يجرأ المرء على الرفض.” 

هذه هي رسائل اليقظة من عجلة الحياة العادية لنور تفردك الذاتي، وهذه هي فكرة فيلم الأمير الصغير. الفيلم مقتبس عن رواية “الأمير الصغير للكاتب الفرنسي انطوان دو سانت إكزوبيري، وفي نفس الوقت قام كاتب الفيلم بدمج قصة أخرى من الحياة الحديثة مع أحداث القصة الأصلية لتساعد على إيصال فكرة الرواية الرمزية. في القصة الحديثة، يعرض لنا الفيلم قصة فتاة صغيرة تريد أن تدخلها أمها لأفضل المدارس، تمهيداً لأن تدخل عجلة الحياة المكررة التي لا يتوقف فيها الأشخاص عن العمل وتحقيق متطلبات غيرهم وهم لا يعرفون أصلا لماذا!

ولأجل ذلك عليها أن تحقق شروط قبول صعبة عبر الدراسة كل الصيف. في المقابل يدخل لحياتهم جارهم العجوز المبتهج، شخصية عفوية جداً، مُحبة، حياتها مليئة بالبهجة والمغامرات، ليثير خيال وفضول الطفلة من جديد لتكون حقيقتها، وتنضج بطريقة رائعة دون أن تنسى. 

إنها قصة عن أن تنضج وتبقى متذكراً لذلك الطفل المتفرد الذي في داخلك. 

🎵لم لا تغنها بصوتٍ عالٍ، تلك الأغنية التي تبقيها في أعماقك؟🎵 مهما كانت غريبة. 

النضوج ليس هو المشكلة، المشكلة هي أن تكبر وتنسى. نرشح لكم فيلم الأمير الصغير كفيلم يقدم الكثير من الدروس عن الاستيقاظ من وهم الحياة الروتينية ورؤية الأمور بالقلب، عبر استخدام المعاني الرمزية.

الجزء الأول

كلنا نولد لهذه الحياة ونحن أنقياء، أقرب ما تكون للوعي ولفطرتنا وأقرب لأن "نتذكر". نأتي وتأتي مواهبنا ورسالتنا معنا، ثم تأتي البرمجات المحيطة بنا لتخبرنا "كيف يجب أن نفكر، ونتصرف، ونقدم مواهبنا للعالم. ولكن باب اليقظة والتذكر مفتوح دائماً، ورسل الله محيطة بنا من كل جانب. تعالوا نتعرف على ثلاث شخصيات نسوا حقيقتهم أمام البرمجات الاجتماعية، ثم ساعدوا بعضهم البعض على تذكر حقيقتهم و الاستيقاظ من نوم الحياة.

أولاً: الطيّار

يبدأ الطيار القصة راوياً لنا مشهداً قد حدث معه في طفولته، حيث استخدم خياله في تحويل معلومة تعلمها عن الأحياء إلى رسمة إبداعية غير مسبوقة، لكن أحداً من الكبار لم يفهمها بل وأخذوا ينصحونه بالتخلي عن هذه الأشياء الخيالية والتوجه للعلوم الرسمية، علم الحساب والتاريخ وقواعد اللغة، ففعل. وبدلاً من أن يكون رساماً استثنائياً أو راوي قصص مميز توجه لتعلم الطيران وأصبح طياراً. إلى أن حدث شيءٌ إعجازي، قابل الأمير الصغير!

ثانياً: الأمير الصغير

الأمير الصغير هو طفلٌ صغير قادم من كويكب آخر خارج الأرض وقد هبط في الصحراء وقابل الطيار. ابتدأ لقاؤهم بطلب الأمير الصغير من الطيار أن يرسم له خروفاً ليأكل الأعشاب الضارة على كوكبه، نفذ الطيار طلبه ورسم له الخروف تلو الآخر ولم يعجبه. وليتخلص من إلحاحه توجه الطيار إلى أسلوبه الطفولي في الرسم، ورسم له أخيراً صندوقاً وقال إن الخروف الذي طلبته موجود في هذا الصندوق. "ممتاز! هذا ما طلبته تماماً، انظر لقد خلد للنوم". وأخيراً وجد الطيار شخصاً ليشاركه قصصه والذي سيشرح له مفاهيم تنويرية عميقة.

ثالثاً: الفتاة الصغيرة

يرسل الطيار للفتاة الصغيرة طائرة ورقية فيها بداية قصة الأمير الصغير، مما يشد انتباهها لتسمع الحكاية كلها منه، وتدخل عالمه وتلاحظ جمال العيش ببهجة ومتعة، كما تخبرنا روحنا، لا أي مصدر خارجي آخر. الطيار الذي ألهمه الأمير الصغير مازال متذكراً حقيقته، وترى البهجة والحيوية في أسلوب حياته، من مطربان العملات كتعويض، رسالة الاعتذار، منزله المليء بالزهور والأشجار و الطيور، إمضاءه الوقت يراقب النجوم ليلاً، وفي الحديقة يتأمل سير سرب من النمل والحلزون نهاراً، حتى سيارته التي نبت فيها الورد وعاشت فيها فراشة زرقاء.
الطيار يساعد الفتاة على أن تستيقظ، وهي بدورها تساعد الأشخاص حولها على الاستيقاظ، فتخرج من عجلة الحياة الروتينية وتلهم من حولها ليفعلوا ذلك. لقد ساعدت الأمير الصغير على أن يتذكر حقيقته من جديد، وأيضاً هي ستذهب للمدرسة، لكن لتشارك من حولها الأشياء التي تلهمها حقاً. ووالدتها ستهتم بعملها، مع أن تجد الإلهام لتشجيع اهتمامات ابنتها وتساعدها على عيش رسالتها وأن تشاركها الحب.
"ليست المشكلة في أن تنضج، المشكلة في أن تنضج وتنسى لن أنسى أبداً." وأخيراً الفكرة ليست أن نخرج من لعبة الحياة تماماً، بل أن نلعبها ونحن متذكرين لحقيقتنا، نعيش الحياة على طريقتنا، ونتبع صوت الأغنية الذي في داخلنا، ونحقق رسالتنا الروحية.

الجزء الثاني

1-السعي للاعتماد الخارجي مقابل المعيار الداخلي

في المدينة التي تعيش فيها الفتاة الصغيرة، كل شيء متشابه، المنازل السيارات طريقة تقليم الأشجار حتى طريقة التفكير والكلام كل شيء، لا إبداع ولا تفرد. عكس حياة الطيار العجوز الذي يعيش رسالته الروحية حيث كل شيء في منزله متفرد متنوع، الحديقة الجميلة، الموسيقى التي يسمعها، الحيوانات الأليفة، مشاهدته الغروب والنجوم. هكذا هي الروح تحب الإبداع والجمال، ولا يوجد شخص يطابق الآخر تماماً، كل روح متفردة برسالتنا وأسلوبها وتلتقي بالحب.

2-الرتابة والتكرار مقابل الإبداع والتفرد

يبدأ الطيار القصة راوياً لنا مشهداً قد حدث معه في طفولته، حيث استخدم خياله في تحويل معلومة تعلمها عن الأحياء إلى رسمة إبداعية غير مسبوقة، لكن أحداً من الكبار لم يفهمها بل وأخذوا ينصحونه بالتخلي عن هذه الأشياء الخيالية والتوجه للعلوم الرسمية، علم الحساب والتاريخ وقواعد اللغة، ففعل. وبدلاً من أن يكون رساماً استثنائياً أو راوي قصص مميز توجه لتعلم الطيران وأصبح طياراً. إلى أن حدث شيءٌ إعجازي، قابل الأمير الصغير!

3-محاولة التحكم في كل شيء مقابل الاستمتاع والتوازن

رأينا والدة الفتاة الصغيرة وهي تجهز لها خطة الحياة، وتقسم كل لحظة من أيام الأسبوع لنشاط وإنجاز. هذا هو الإيجو يحاول أن يحسب كل شيء بالعقل، يحاول أن يتحكم في كل شيء، يحسب كم من الممكن إنجازه وكيف يمكن إنجاز أكثر بدلاً من أن يكون مستمتعاً أو متوازناً. نرى التوازن الجميل في حياة الطيار فهو يخصص وقتاً للعمل ووقتاً للراحة والاستمتاع، وقد يمضي وقتاً في الحديقة يتأمل مخلوقاتها، أو يلعب بالطائرة الورقية مع الفتاة الصغيرة. ويحاول أحياناً أن يكسر حدة العقل ببعض الجنون الجميل: "يمكنك الحصول على شطائر مجانية في يوم عيد ميلادك؟ /لكنه ليس عيد ميلادي! / هم لا يعرفون ذلك☺"

4-الدافع الخوف مقابل الدافع الحب

نرى الفتاة الصغيرة وهي تحاول أن تتخلص من خطة الحياة فماذا كان رد والدتها لتقنعها؟ "ستكونين وحيدة إذا لم تلتزمي بها!". هكذا الإيجو يحركه الخوف. إذا تعمقت في عمق نواياك، لماذا أفعل هذا الشيء؟ مؤكد ستجد نية، ربما غير ظاهرة على السطح، تظهر فقط حين تسأل: ما هو دافع هذه النية، هل هو الحب أم الخوف؟ الإيجاز يحركه الخوف أما الحب فمن الروح.

5-فقدان الشغف والحب مقابل تواجده

الحياة بالإيجو لا تركز على المشاعر الجيدة. نرى ذلك حين تدرس الفتاة الصغيرة وترتب الكتب ببرود بلا مشاعر وحين تفتقد دور الأهل والصديق في حياتها. في المقابل نرى الحب والمشاعر والأحاسيس كلها في طريق الروح. نراها في لفتات الحب التي يقوم بها الطيار العجوز، طريقته في الاعتذار، كونه صديق، اهتمامه بموضوع الصداقة، وتقديمه لقصة حب الأمير الصغير والوردة.

وأخيرا لماذا طرحنا هذا الموضوع؟

قد تظن أنه إذا كانت هكذا هي الحياة الأرضية المبرمجة فأنا لا أريد أن أعيشها، انظر لخيارات الطيار العجوز والفتاة الصغيرة وقد ترى فيها بعض الإلهام. فالطيار عاش حياته في وسط المدينة الرتيبة، والفتاة الصغيرة ذهبت للمدرسة لتحدثهم عن شغفها واهتمامات روحها. فالفكرة ليست أن نخرج من لعبة الحياة بل أن نلعبها ونحن متذكرين لحقيقتنا، نستمتع بها ونتعلم منها.

"يُمكنك أن تتعلّم من كُل شيء"

منصة عصر السلام
0 0 votes
معدّل التقييم
×